لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
السلف الصالح بين العلم والإيمان
15372 مشاهدة print word pdf
line-top
بدعة القدرية

ثم حدث أيضا في أواخر عهد الصحابة بدعة أخرى هي بدعة إنكار القدر، إنكار القدر السابق كما قال يحيى بن يعمر كان أول من قال بالقدر في البصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحدا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عما يقول هؤلاء فَوُفِّقَ لنا عبد الله بن عمر داخلا المسجد الحرام فاكتنفته أنا وصاحبي، وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي فقلت: أبا عبد الرحمن إنه قد خرج قِبَلَنَا أناس يقرءون القرآن، ويتقفرون العلم وإنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أُنُف. فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والذي نفسي بيده لو أنفق أحدهم مثل أُحد ذهبا ما قبله الله منه؛ حتى يؤمن بالقدر خيره وشره.
هذه الطائفة أنكروا العلم السابق، وقالوا: إن الله لا يعلم الأشياء حتى تقع. وأنكروا أن يكون الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق، وأنكروا أن يكون الله قدَّر على العباد ما هم فاعلون، وعلم الشقي والسعيد وما أشبه ذلك. وقد أنكروا النصوص الصريحة في ذلك؛ ولكن رد عليهم السلف، وبينوا خطأهم، وبينوا أن هذا قول باطل، وأن هذا تنقص لعلم الله تعالى.
ولهذا يقول الشافعي رحمه الله: ناظروهم بالعلم، فإن أقروا به خُصِمُوا، وإن جحدوه كفروا؛ يعني: سلوهم: هل تقرون بأن الله بكل شيء عليم؟ وبأن الله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون؟ فإذا اعترفوا بأن الله بكل شيء عليم انقطعت حجتهم ولم يبق لهم ما يتعلقون به، وإذا أنكروه وقالوا: لا، لا نقر بأن الله بكل شيء عليم، كفروا؛ وذلك لأنهم تنقصوا الله تعالى، ووصفوه بالجهل، فإن لازم من نفى العلم عن الله أن يثبت له الجهل.
فهذه بدعة خرجت؛ ولكن هناك من يقاومها، وهناك من يردها، فلم تكن متمكنة في ذلك العهد؛ وذلك لقوة أهل الحق ولكثرتهم؛ ولقوة الأدلة التي جادلوا بها، فانقطعت الشبه وظهر أمر الله وهم كارهون.

line-bottom